الأربعاء، 12 يناير 2011

لا, لن أعتذر

كتبت هذا الpost  أكثر من خمس مرات, وفي كل مرة أمزق الورقة, وآتي بأخرى خالية. انظر إلى بياضها لساعات, عاجزا عن ايجاد نقطة البداية, كما هو الحال في معظم المرات التي أكتب بها. ولكن الوضع هذه المرة أصعب من أي مرة. فنقطة البداية التي ابحث عنها يرجع عمرها إلى أعوام وأعوام مضت ... أعوام من تراكم صامت ... صمت خطير ... خطر وشيك. قررت بعد المحاولة الخامسة ان أكتب دون ترتيب أو تنسيق مسبق للأفكار, دون خطة فـأرجو منكم الصبر.
أوجه رسائلي لبعض الجهات التي كان من الطبيعي ان تكون معنية, والبعض الآخر الذي هو وجوده كالعادة ناجم اقتحام وتدخل مستفز   لا أعلم إن كانت رسائلي ستجد طريقها إليهم, ولكني سأكتبها على أي حال.

المحاولة السادسة:

عزيزي الإعلام المصري,
لأول مرة
منذ زمن ... احترمتك! لأول مرة منذ زمن, ظلموك حين إتهموك بالكذب والتستر. احترمت فيك هذه المرة صدقك, ومحاولاتك الناجحة في تحويل طاقة الغضب التي ملأتنا جميعا إلى طاقة إيجابية تعيننا  على الصبر والسلوان.احترمت أمانتك في نقل جميع وجهات النظر وجميع الاحداث, السيء منها والحسن. شكرا لصدقك ودعوتك الدائمة بالوحدة والتماسك.

عزيزي الإعلام الغربي,
رأيتك
تشوه صورة ديني ووطني بحماس لأيام بعد ماحدث. رأيتك تنشر صور , وفيديوهات, وتقارير عما حدث, وكأنه قد حدث على أرضك. رأيتك تتكلم عن وطني الظالم للأقلية, المتعصب دينيا, الهمجي في أفعاله وقراراته ... تاركا لا مجال لاحترام الآخر, متجاهلا سيادة هذا الوطن, مهينا أبناؤه, متاجرا بآلامه للوصول لمبتغاك. كنت لأقول لك انك أخطأت بحقي, وحق هذا البلد, كنت لأعاتبك ولكني ادركت المشكلة الأكبر.

أنت ... أنت تحاسبني على عنصريتي؟ يا من لم تحترم حجاب ديني, ولا رسوله, ولا تعاليمه, ولا كتابه؟ أنت يا من احتفل في القرن الواحد والعشرين بالتخلص من العنصرية تجاه السود؟ انت يامن اردت حرق قرآني وخلع حجاب نسائي؟ انت يا من ترفض بناء المساجد على أرضك وتمنع دخول المسلمين أماكن؟ انت يا من جعلته واحد من أهدافك ان تسيء إلى سمعة ديني وعروبتي امام العالم؟ انت يا من تسميها حرية رأي حين تسخر من محمد , وتجرم من ينكر الهولوكوست؟ انت يا من تسلب الاراضي وتقتل النساء والأطفال وتدنس المساجد وتدمر الاوطان؟ انت يا من تختبئ تحت ظل الديمقراطية فـتحتل دول بأكملها  ولا تبقي بها شيئا؟ أنت تحاسبني على عنصريتي؟ ... لامجال للعجب مما فعلته إذًا, فأنت توهم نفسك من قديم الأزمان, فلتستمر في الوهم حتى يأتي يوما, يجبر فيه مواطنيك على ان يروا العالم بمنظاره الصحيح, لا من خلال ماتسقيه لهم من كراهية نحوي.
و لست بحاجة لأن أحكي لك عن أصالتنا, فـربما تعرف عنها أكثر مني قد درستها جيدا أثناء محاولاتك لإخفائها, ولكن التاريخ أقوى من جبروتك مهما عظم. حتى وإن حاولت ان تنكر ماحدث ليلة 7 يناير 2011, مهما امتنعت عن نشر صور أبناء مصر وهم يساندون بعض, وهم يفدون بعض ,وهم يحضرون احتفالات عيد الميلاد كدروع بشرية في وجه الإرهاب, مهما امتنعت عن نشر ردود أفعال المسئولين ورجال الدين لما حدث, مهما حاولت ان تخبئ خبر الاعتداء على المسجد في اوروبا بمواد حارقة للانتقام لما حدث وتتهمني أنا بالعنصرية لن تستطيع تغيير الواقع.

عزيزتي الحكومة المصرية,
من
الصعب ان يتغير حالك في يوم وليلة, ولكني مازال عندي أمل. أثني عليكي لاستجابتك السريعة, وتصريحاتك الجيدة. ولكن دعينا لا ننجرف في تيار الاعتذار بدرجة تجعل من يرانا يظن بأننا مخطئين فعلا. لي على سلوكك بعد التعقيبات إن سمحتي أو لم تسمحي. احترم الاجراءات التي اتخذتها لمنع تكرار الكارثة. اتفهم الحاجة لوضع اقماع وانتشار سيارات الأمن حول الكنائس, اتفهم اغلاق شوارع ومناطق بأكملها لتشديد الأمن هذه الفترة, ولكن بعد شهور من الآن, حين يبدأ الوضع في ان يهدأ  (كما أتمنى), ستظل المتاريس التي قمت بحفرها حول الكنائس موجودة, سيظل هذا الحاجز الذي وضعتيه باقي. أريد ان أقول, وليفهم من يستطيع ان يفهم, قد تستطيعين ازالة بعض السيارات و "الحواجز" التي وضعتها, ولكن لا تنسى ما سيبقى محفورا إلى الأبد! دعينا لا نلغي مادة الدين في المدارس بسبب جهات خارجية لا سيادة لها على مناهجنا, دعينا لا نروج للمواطنة لنيل الرضا من من ليس لهم علينا حق الارضاء. دعينا لا نقوم بالقبض على أشخاص لا علاقة لهم بالموضوع , ونستجوبهم بشراسة تؤدي إلى الوفاة في 24 ساعة للوصول إلى اجابات ليست موجودة في مكان بحثنا. دعينا لا نقول ان مرتكب كل الجرائم الشنعاء على أرضنا مختل عقليا فـلسنا نحن مختلين أيضًا! .. احذري فالعالم يشاهد.

عزيزي الإنسان,
قد
تستفزك كلمات هذه الصفحة, قد ترى انني لم أكن حيادي بما يكفي, أو انني أرى الأمور من منظور خطأ لأي سبب كان, وقد اتفق معك حتى في بعض انتقاداتك, ولكني ليس لدي ادنى شك ان ما اقوله هو لمصلحة وطني التي هي فوق كل شيء. أنا مواطن مصري مسلم, أريد بطاقتي ان تحتوي على ديانتي, لاني لا اخاف من فتنة طائفية قد تشب في أي لحظة, لاني افتخر بديني وافتخر بمصريتي, لاني أعلم ان من يفقه دينه الصحيح جيدا, إن كان مسلم أو مسيحي أو يهودي, سيصل إلى  نفس الإجابة, وهي اننا كبشر مقدر لنا ان نتعايش, ان نتعارف, ان نتعاون, ان نتحاب, ان نختلف ولكن ان لا ننسى مايربطنا ببعض  مهما اختلفنا ... انسانيتنا!
واخيرا
عزيزي الإنسان, إن اردت ان تعرف الجاني, ابحث عن المستفيد!
كان
لي صديق خليجي, سألته في يوم  ما: "هل ساد السلام والأمن أرضنا في ال 20 سنة الماضية؟"
أجابني بلهجته
الخليجية قائلا... "لا مو  ساد!" (قصة غير حقيقية)

عزيزي القبطي ... أخي وابن وطني,
لك
عزائي لكل الارواح التي فقدت, لك تعاطفي مع كل أسرة تتألم, مع كل قلب تمزق, مع كل عين بكت وتبكي ... تبكي معها عيوننا جميعا. ولكن لا, لن اعتذر! فـديني لم يخطئ بحقك. إن كان من اساء اليك يختبئ تحت اسمه, فهذا لدرايته بعظمة هذا الإسم. أراد ان يختبئ بظله, ان يحتمي بجلاله, ان يبرر افعاله بانتماؤه إليه, ولكنك تعلم كما أعلم كم هو بريء منه هذا الاسم. لست بحاجة لذكر آيات أو أحاديث شريفة تأكد على سماحة هذا الدين, لست بحاجة لوضع صورة الهلال مع الصليب لتصدقني, فقد عاشرتني لعصور وعصور, خضنا معا معارك هذا الوطن, ومازلنا نخوض. من الصعب ان اتكلم بما يكون أقوى حجة من هذه العصور. لن اعتذر بإسم هذا الوطن, ولن اتكلم عن وحدة اهله, فـإسمك ايها القبطي, يحمل اسم مصر. أنت قبطي قبل ان تكون مسيحي, واجدادي وأجدادك ممسكين بأيدي بعض من قديم الازل, قبل ان يأتي من له المصلحة في تفريقهم.

لا استطيع ان اعدك بألا يتكرر ماحدث, ولكني أعدك بأن ابقى بجوارك, مساندا لك, متألما بألمك, رافعا يدي بجوار يدك إلى ربنا جميعا بأن يزيح عن بلادنا هذه الغمة. لا أستطيع ان أدافع عن من فعل وسيفعل هذه الجرائم, ولكني كلي أمل ان تتحلى بالحكمة في قراراتك, كلي أمل ان تتروى قبل ان تشير أصابع الاتهام, كلي أمل ان تكون ابن مصر حين تطالب بحقوقك فيها, وان تكون ابن مصر حين تصيبك انت ومصر المصيبة, لا ان يكون أول اتهامك لها, لا ان تصب غضبك عليها وعلى اهلها, لا ان تكرهها وتسيء اليها امام العالم. معا ضد من خولت له نفسه انه يستطيع كسرالرابط الذي لن يستطيع إنسان اخر على وجه الأرض ان يفهمه إلا من عاش بهذه البلد, واتعبته الحياة فيها ... لن يستطيع ان يفهمه إلا من مشى في شوارعها ليلة العيد وأيام رمضان, إلا من نظر إلى سماءها الصافية ساعة الشروق, إلا من رأى فيها الكنيسة والمسجد جنبا إلى جنب. لن يستطيعان يفهم هذا الرابط إلا من شقى بها لسنين, ولكن لم يفقد الأمل إلا من جاءت له اوقات وظن انه يكرهها, ولكنه سرعان مايجد طريق عودته إلى حبها , وحب اهلها و حب ترابها .

قد تكون هذه من المرات النادرة التي اقتبس فيها من خطابات السيد الرئيس...
"تخطئون
خطأ فادحا إن ظننتم انكم بمنأى عن عقاب المصريين, إن هذا العمل الآثم هو حلقة من حلقات الوقيعة بين الاقباط والمسلمين, لكن الله رد كيد الكائدين في نحورهم, ولقد أكد من جديد اننا جميعا في خندق واحد , واننا جميعا سنتصدى للإرهاب ونهزمه, ربنا اجعل هذا البلد امنا, وانصرنا على كل من يريد به الشر والسوء .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"

عزيزي مرتكب
الجريمة الحقيقي,
كلنا
نعلم من أنت ... اقولها لك مجددا ... مبتسما  مستفزا ... لقد فشلت مرة أخرى!! ... حظ احقر في المرة القادمة.

هناك 3 تعليقات:

  1. لي تعليق بسيط
    كلمة قبطي تعني مصري من كلمة "إيجيبت"-egypt
    الحروف ج ب ت، هم حروف كلمة ق ب ط
    وجزاك الله خيرا على المقال الرائع

    ردحذف
  2. مصطفى ... أنا كنت عارف إن في ارتباط بـين كلمة قبطي و مصر .. لكن مكنش عندي فكرة إزاي. شكرا على المعلومة .. مكانها مناسب جدا تحت المقال ده. و شكرا على التعليق!

    ردحذف
  3. غير معرف1/13/2011

    لا, لن اعتذر! فـديني لم يخطئ بحق

    من الطبيعي اصلا اللا يكون الاعتذار بصفتى ممثل عن الاسلام فلا احد يمثل الاسلام لكن كلنا نمثل المسلمين و المصريين
    انا شايف اننا المسلمين قد نكون اخطأنا و ان تنوعت الاخطاء او الاساءات
    ومن اكثرها شيوعا كعادة المصريين في كل حاجة السلبية فمن الممكن انك تكون واقف مع اصحابك تلاقي فجأة الموضوع قلب على المسيحين مثلا تلاقي شخص اهان الديانة المسيحية او شخص او حاجة شبيهة وانت ترفض هذة الاهانة لكنك فضلت ساكت فكأنك وافقت على الاهانة و اكدتها
    فهذه ابسط خطأ ممكن الواحد مننا يرتكبه ما بالك بقه من الشخص الي بيهين او الي بيحرض او الي بيشتم و الي على النت والي و الي...........

    ردحذف