الجمعة، 21 يناير 2011

مسألة مبدأ




قد يكون اختياري للموضوع غريبا في ظل الظروف. فالعالم يشهد أحداث قد تكون بداية لتغيير تاريخ العالم, الخرائط تتغيروالبلاد تنقسم والشعوب تثور والحكام يهربون, المواطنون يحرقون أنفسهم و يربطون أنفسهم بأعمدة الكهرباء, الشعب يخطط ل ثورة ب  "ايفنت" على ال facebook ,وموقع واحد على الانترنت يغير نتائج انتخابات ويثير الذعر في حكومات العالم, ولكني كمصري مسلم عاقل واقعي, اختار هذا الموضوع لأطرحه, إيمانا مني بأننا يجب الا ننسى أبدا ان نعطي التقدير لمن يستحقه بغض النظر عن التوقيت, وتأكيدا على أهمية ان نبقي صوب أعيننا مايهمنا و يهم بلدنا وديننا في المقام الأول.

سؤالي يقول .. من بالصورة الأولى؟ قد يكون هذا السؤال من أسهل الأسئلة التي يمكن أن تسأل اليوم. أليس كذلك؟ إنه  "كينج أوف جينيريشن" على الشمال. ولمن هو أكثر تواصلا مع مجتمعنا المبدع يستطيع أيضا ان يعرف الشخص الموجود على اليمين, ومن المثير للسخرية ان تكون هذه المرة الثانية التي اذكره فيها على ال blog . إنه ال  "كينج كونج" أبوالليف.

جميل!
سؤالي الثاني من بالصورة الثانية؟
أشك بأن أحدا يعرف من هو. ولكن قبل أن أفصح عن هويته, دعوني اتكلم عن سبب كتابة هذا ال post برغم انشغالي الشديد بالامتحانات والمذاكرة.

يطول شرح الموضوع الذي أريد طرحه, وأنا على يقين تام بأنه من المستحيل ان أناقشه بما يكفي في صفحة واحدة, ولكني دائما مااردت التحدث عنه, لأنه من الاشياء القليلة التي يدور حولها عالمي. يمثل الصراع الأكبر الذي ينشب بداخلي كل يوم, يمثل أكبر ضعف وأكبر قوة أملكها, و يمثل العماد الذي يرتكز عليه المجتمعات, هو الأصل الذي يتفرع منه سلوكي وتصرفاتي انه المبدأ!

أحاول ان اتمسك به قدر الامكان, ولا يؤلمني بحياتي أكثر من أضطر للتخلي عنه في موقف ما. المبدأ هو اقيم ما يمتلكه الإنسان ,فـهو يحدد قدره بين البشر, وتمسكه به يجعله محترما من الناس.
في عالمنا اليوم, الشخص صاحب المبدأ هو الرابح الاول, يلتف الناس حوله ويقدرونه .. بل يقتدون به أيضا. في دنيانا, كثيرون هم أصحاب المبادئ, من النادر ان تجد من يتخلى عن مبدأه. أليس كذلك؟

لا ليس كذلك! للأسف, لسنا في الدنيا الفاضلة , التي تقدر من يستحق التقدير لسنا في دنيا يتم فيها تقييم الناس بالمعايير الصحيحة للخطأ والصواب. أكرر السؤال الشهير... الدنيا ماشية بإيه؟ ... "بالعكس" ... الغني حرامي , والفقير تقي, أصحاب السلطة والنفوذ فاسدين, و الأمناء وأصحاب النفوس الطاهرة مدهوسين في مجتمع لا مكان فيه للضعيف, أو من لا يستطيع ان يحارب للحصول على مبتغاه, حتى وإن كان مايمنعه هو المبدأ!

لسنا نعيش في عصر يحترم صاحب المبدأ, أو يعطيه قدر حقه, بل يستغل فكرة ان هذا المبدأ يمنع صاحبه من التصرف بطريقة معينة , بطرق تشمئز لها النفس الصادقة, وكأنه يرى ان هذا المبدأ نقطة ضعفه. ولكن من يقرر ان يتمسك بمبدأه امام هذا الاستغلال الدنيء, يستطيع ان ينظر إلى من يظن به الضعف ويضحك بداخله على  سطحيته, يضحك على ظنه بنفسه القوة والتحرر و الفتوة والعتو حين يسمح لنفسه ان يتصرف كما الأنعام دون اعتبار لما هو صحيح وما يرضي الله... ولكنه لا يدري بأن من يضحك أخيرا يضحك كثيرا.

كثيرا ما نقابل مواقف بحياتنا نتمنى فيها ان نتخلى عن مبادأنا ولو مؤقتا, لنستطيع ان نتصرف بما يهديء النار المشتعلة بدخلنا, كثيرا مانرى من لا يستحقون يحصلون على ماهو حقنا, كثيرا مانجد أنفسنا في نهاية الصف, في نهاية السباق .. مثقولين بما نحمله من مبادئ وقيم, محدودين بالخطوط التي رسمناها لأنفسنا حين تربينا و شببنا, متألمين بالصراع الدائر بدخلنا بين ما تريده طبيعتنا البشرية الخطائة و الصواب, مشتتين بالاختلاف بين الحياة التي نعيشها والحياة التي تعلمناها صغارا, ولكن ل نتذكر دائما... أننا أصحاب مبدأ فنرفع هاماتنا عالية فخرا بكل مرة خسرنا فيها شيء دنيوي وكسبنا فيه أنفسنا!

كما قالها صديق لي, بعد ان قص علينا قصة من قصص الفساد المعتاد , والذي اصبح طبيعي في مجتمعنا, قال: "أبويا قالهالي كلمة, عايز يابني تعيش شيخ, مالكش عيش في البلد دي"
فوا أسفاه على مجتمع يهتف لقائل "مستهون بالستات يا خويا , دولا مجانين", ولا يعرف أمثال النقيب محمد عبد الرحيم, وهو صاحب الصورة الثانية.

النقيب محمد عبد الرحيم هو رئيس مباحث كفر صقر. يعيش في بيت مع والديه وزوجته وإبنه. سأله المذيع عن راتبه وعن عدد المرات التي ياكل هو وعائلته "اللحمة" في الشهر, فـأجاب  بعزة نفس تقشعر لها ابدان  "مستورة والحمد لله", ليس معه مايكفي لشراء سيارة أو شراء سكن خاص به, ولكن تكفي ابتسامته التي تضيء فخرا حين سأله المذيع عن ابنه أحمد لتشعرك بغنى نفسه .

سيادة النقيب محمد عبد الرحيم عرض عليه رشوة تقدر بحوالي 90 مليون جنيه مصري, في مقابل تسهيل عملية تهريب آثار مصرية تقدر ب 150 مليون دولار امريكي ... ورفض!

لم يتم تكريمه من الداخلية حتى الآن  ... لم ولن ينل شهرة تامر حسني أو أبوالليف لم ولن  يتهافت عليه المعجبين ... ولم  ولن يشتري الناس تذاكر بمئات الجنيهات لرؤيته يقفز على المسرح كالقرود لمدة ساعتين ... لم تعرفه انت حين سألتك من هو ولكنك لا تستطيع الا ان تحترمه من داخلك, بل و تقشعر تأثرا بعزة نفسه , وبالسهولة التي أخذ بها القرار بأن يتمسك بمبدأه, حتى وإن كان هناك حرفيا 90 مليون سبب وحافز يمنعه من ذلك.

شكرا لإعطائي الأمل في انه مازال هناك أشخاص لديهم القدرة على مثل هذا السلوك في فترة أنا فيها في أشد الحاجة لذلك. من الطبيعي ان يكون السيء أكثر انتشارا وأكثر سهولة, وإلا فقد الاختبار معناه. من الطبيعي ان يكون السيء أكثر ظهورا, و قد نمضي فترات طويلة دون إشارة تأكيد لنا اننا نمضي في الاتجاه الصحيح, خاصة وسط الكثيرون الذين يسلكون طريقا خاطئا, ولكن علينا ألا ننسى ان الصواب يستمد قيمته من صحته لا من انتشاره.

قد يكون هذا ال post من اقل ماكتبت عمقا أو طولا, ولكنه كان واجبا لإعطاء هذا الرجل التقدير الذي يستحقه ولا ينتظره, والذي يحرمه منه المجتمع. سيادة النقيب احترمك وأقدرك واقف لك إجلالا و تقديرا, ليس لانك الوحيد الذي قد يفعل مافعلت, ولكن لانك تمثل الي إنسان احترم مبدأه قبل كل شيء, وليس هناك إنسان على وجه الأرض أحترمه أكثر من ذلك!

ملحوظة: مذيع غير مؤهل, ولكن أرجو مشاهدة المقطع.