الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

يو زبيك انجليش؟

"من راقب الناس مات هما" ... حين سمعت هذا المثل لاول مرة, اعتقدت ان المعنى انه سيموت من الهم من يراقب الناس, و يتحسر على ما آل إليه حال البشرية ... ولكن كحال كل شيء, هناك وجه  آخر للمعنى
من الوارد جدا أن أنسى السبب في تسمية المنتدى بإسمه "بالعكس" ... وارد! ولكن شتان الفارق بين وارد و واقع, فـمن شبه المستحيل ان يمر يوما على مواطن مصري عاقل ,ولو بعض الشيء (فالعقلانية قضية نسبية بحتة) لا يتذكر فيه هذه الكلمة بالعكس!

تكفيك بضع ثواني تقضيها في شوارعنا, التي أفضل عدم نعتها, لترى هذه الكلمة مكتوبة على كل شيء وكل شخص من حولك ... مكتوبة على إشارة المرور المسكينة التي لم يسعدها الحظ لتلحق بالركب الحضاري الرهيب المتمثل في الكاميرا (التي لا تعمل في كثير من الاحيان), فيحتقرها الجميع , ولا يتبعها أحد, بما في ذلك عسكري المرور , ويظهر ذلك في إشارات يده لقائدي السيارات بأن يتحركوا والإشارة حمراء, والعكس صحيح ولكن , يطول شرح تضادات المرور  ... ولنا في ذلك حديث اخر.

تجدها مكتوبة على اللافتات الملطخة بالأتربة والطين, وعصير القصب في بعد الاحيان, وتحتها سلة مهملات خالية, ومن حولها على الأرض أكياس وعلب ومناديل و, و, و,.... فـتصبح قراءة المكتوب عليها تحدي... ولكن اطمئنوا ... لقد تأكدت بنفسي ... تقول اللافتة: "النظافة مظهر حضاري" ... ولكن , يطول شرح تضادات النظافة ايضا  ... ولنا في ذلك حديث اخر.

تجدها مكتوبة على وجوه المارة الذين يصرون على عبور الشارع حين تفتح الإشارة, ويحاربون للعبور في هذه اللحظات بالذات, وكأن أكتوبر قد عاد, أو كأن الإشارة لن تعود حمراء بعد اليوم.
تجدها بداخل وسائل المواصلات في صوت ألبوم حماقي الجديد (كله) ... الصادر من هاتف محمول أحد الشباب بأعلى صوت ممكن  (والناس عاااادي  ولاااا كإن  فيه حاجة يا سيدي عالحرية الشخصية!)
تجدها في كل "دوران إلى الخلف" (U-Turn) على شمال الشارع  ... نعم, في تصادف غريب مع الحارة ال"سريعة" ... الدنيا صغيرة حقيقي!

تجدها في إعلانات موبينيل وفودافون واتصالات .... وموبينيل! ... بدون الحاجة للشرح!
تجدها مكتوبة على ظهر الموظف محدود الدخل الكبير في السن, الذي يجري لللحاق بالأتوبيس الذي لم يتوقف في محطته لأنه كامل العدد بعد ان توقف في كل شارع وميدان منذ خروجه, وفي كل مرة أوقف معه ثلاثة أرباع الشارع. و مكتوبة أيضًا على ظَهر الشاب أو الشابة الذي مازالوا يمتلكون صحتهم وفتوتهم, يمدون أيديهم للاخرين.

ونهاية الامثلة مع نهاية العمر, ولكن مااردت طرحه هو ظاهرة الشعب المتعدد اللغات. بمعنى:
"حمادة, البس
الشوز بقى عشان هنمشي(shoes)"
"ألو, ازيك
يا بيبي(baby)"
"أوفر, خصم 50 % (
offer)"
"حسام, كده
أوفر أوي(over)"
"كريم, جبت
اللاب؟ (laptop)"
"طب
ويت كده ثانية! (wait)"
"تيك
كير بقى, ها؟ (take care)"
"تحب
معاه فرايز؟ (fries)"
وبرضه الأمثلة لن تنتهي سؤالي هو في إيه؟

أنا لست ضد اللغة الأجنبية إطلاقا, ولدي مايكفي من الواقعية لأعلم اننا لن نستطيع ألا نتحدث غير العربية في كل شيء. ليست دعوتي إليكم لدنيا نقول فيها:
"الحاسوب بتاعي
باظ إمبارح"
أو "عايز واحد
لحم بقري بالجبنة, وواحد مياه غازية لوسمحت"
أو "كنت
قاعد امبارح على شبكة المعلومات الدولية وفاتح برنامج المخاطب بأكلم أصحابي"

هناك أشياء كثيرة, بل مجالات بأكملها, من الصعب عدم الاستعانة فيها بلغات أخرى. ولكن ليه المبالغة؟ .. خاصة وأننا جميعا نعلم ان الشعب المصري ليس مثقفا لهذه الدرجة, و مواطنيه في غنى عن إظهار الأصل والثراء الفاحش بمثل هذه الجواهر الثمينة التي يرصعون بها كلامهم , خاصة امام بعض
ماهو
نفس الشعب يا عباقرة! نفس الآباء الذين يعملون بكل ما أوتوا من قوة لتوفير الحد الادنى من العائد ليكفي منازلهم, ولا يكفي! نفس الأسر المدبرة التي تحارب من اجل البقاء في مجتمع ينهار من الداخل يوما بعد يوم, نفس الأمهات المكافحة التي تريد أبنائها ان يصبحوا أفضل منهن في كل شيء

لحظة! ... هل هذا هو السبب؟ هل الضغط الخفي المستمر على أبناء جيلي ليصبحوا أفضل ممن سبقوهم, مع العلم بعدم توافر العوامل المؤدية لذلك هو السبب في هذه الموجة الرائجة من الاصطناع في كل شيء عند الشباب؟ ... بما في ذلك الملبس, المظهر , طريقة الكلام, طريقة الحركة, وحتى طريقة التفكير؟
متى أصبح حق كل مواطن ان يمتلك سيارة؟ متى اصبح حق جميع خريجي الثانوية العامة, بما فيهم الفشلة غير المهتمين لا بدراسة ولا مستقبل ولا وطن , ان يدخلوا جميعا جامعات مصر ويحصلون على شهادات عليا؟ متى  تعلم الجميع ان يقول  "فالنتاين"؟ متى أصبح الجزار يكسب أكثر من الأستاذ الجامعي؟ متى اصبح التدرج الطبقي "عيب وعنصري"؟

متى اصبحت عبارة  "عيش عيشة أهلك" مهينة وغير لائقة؟ متى أصبحنا نقيم البشر بمقاييس تبعد كل البعد عن الصحيح؟ ... و لماذا أصبح حلم كل شاب كلية الهندسة والطب برغم عدم توافر ما تتطلبه هذه الكليات من دارسها لديهم؟ متى اصبحت كلية التجارة "للّي مجابوش مجموع أعلى"؟ لماذا لا نقيم الناس بقيمهم ومبادئهم ودورهم في المجتمع؟ لماذا لا نقيمهم بتقواهم لله عز وجل؟ متى انقلبت الآية؟ لماذا لا يكون طبيب من يستطيع ان يكون طبيبا ويكون عامل من يستطيع ان يكون عاملا ونحترم هذا ونحترم ذاك؟

قال تعالى : " وجعلنا بعضكم فوق بعض طبقات " صدق الله العظيم
فمتى
اصبح كل منا ينظر لمن هو أعلى منه ماديا, ويسأل  "ليه مش أنا؟" لا, ليس هذا الطموح, بل يسمى حقد طبقي!

قال رسول الله (ص) "وارضى بما قسم الله لك تكن اغنى الناس " صدق رسول الله (ص(
فمتى
أصبحنا نشعر بالفقر بغض النظر عما وصلنا اليه؟ لا, ليست هذه هي الإرادة بل هي داء إسمه النهم. حفظنا الله واياكم منه!

و أخيرا قال الوجه الآخر من المثل "من راقب الناس مات هما"
فلا
تنظر إلى الأعلى , فـقد تكتئب, ولا تنظر إلى أسفل, فـقد تغتر, ولكن أنظر إلى الأمام ... امضي في طريقك أنت ... تمسك به حين يعلو وحين ينخفض حين يظلم وحين ينير وتذكر دائما من يملكه هو وغيره وإياك ان تناجي غيره ...
ربنا أنر لنا طريقنا برحمتك ورضاك يا ارحم الراحمين , ولا تكلنا لأنفسنا أو لغيرنا طرفة عين
آمين ...


وأخيرا, وليس آخرا ارفع بنطلونك, اعدل لسانك على لغتك لو مش بتعرف تتكلم غيرها, اقفل الست زراير اللي في القميص مش 3 منهم بس, كل فول وطعمية عادي مش لازم  "ماك", شجع  الأهلي والزمالك  مش لازم  "برشلونة" ...
لو هتتحجبي مش لازم تعوضيه بالبنطلون الضيق, أو الإشارب اللي كله ترتر, ولازم الشياكة تكمل بالخصلة اللي نازلة من تحته, ولو مش محجبة, مش لازم تصبغي شعرك  أو خصل منه بألوان عجيبة, واللهِ قمر من غير حاجة
ارجوك, حافظ على مرارة اخوك المواطن ….
أرجوك
عيش عيشة اهلك!